سورة الشورى - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


قوله عز وجل: {وَمَآ أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أنه الحدود على المعاصي، قاله الحسن.
الثاني: أنها البلوى في النفوس والأموال عقوبة على المعاصي والذنوب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا يُصِيبُ ابنَ آدَمَ خَدْشُ عُوْدٍ وَلاَ عَثْرَةُ قَدَمٍ وَلاَ اخْتِلاَجُ عِرْقٍ إِلاَّ بِذَنبٍ وَمَا يَعْفُو عَنهُ أَكْثَرَ» وقال ثابت البناني. كان يقال ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا.
ثم فيها قولان:
أحدهما: أنها خاصة في البالغين أن تكون عقوبة لهم؛ وفي الأطفال أن تكون مثوبة لهم.
الثاني: عقوبة عامة للبالغين في أنفسهم وللأطفال في غيرهم من والدٍ أو والدة، قاله العلاء بن زيد.
{وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} فيه وجهان:
أحدهما: عن كثير من المعاصي أن لا يكون عليها حدود، وهو مقتضى قول الحسن.
الثاني: عن كثير من العصاة وأن لا يعجل عليهم بالعقوبة.
قال علي رضي الله عنه: ما عاقب الله به في الدنيا فالله أحلم من أن يثني عليه العقوبة يوم القيامة، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة.


قوله عز وجل: {وَمِن ءَايَاتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ} قال مجاهد هي السفن في البحر {كَالأَعْلاَمِ} أي كالجبال، ومنه قول الخنساء:
وإنَّ صَخْراً لتأتَمُّ الهُدَاةُ به *** كأنَّه علمٌ في رأسِه نار
{إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} أي وقوفاً على ظهر الماء، قال قتادة: لأن سفن هذا البحر تجري بالريح. فإذا أمسكت عنها ركدت.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} صبار على البلوى، شكور على النعماء.
قال قطرب: نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعْطِي شكر، وإذا ابتُلِيَ صبر.
قال عون بن عبد الله: فكم من منعم عليه غير شاكر، وكم من مبتلٍ غير صابر.
{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ} معناه يغرقهن بذنوب أهلها.
{ويَعْفُ عَن كَثِيرٍ} من أهلها فلا يغرقهم معها.
{مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} فيه وجهان:
أحدهما: من فرار ومهرب، قاله قطرب.
الثاني: ملجأ، قاله السُدي مأخوذ من قولهم حاص به البعير حيصة إذا مال به، ومنه قولهم فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه.


قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ} قال عبد الرحمن بن زيد: هم الأنصار بالمدينة استجابوا إلى الإيمان بالرسول حين أنفذ إليهم قبل الهجرة اثني عشر نقيباً منهم.
{وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} فيها وجهان:
أحدهما: أنه المحافظة على مواقيتها، قاله قتادة.
الثاني: إتمامها بشروطها، قاله سعيد بن جبير.
{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} فيه أربع أوجه:
أحدها: أنهم كانوا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم إذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملواْ عليه فمدحهم الله تعالى به، قاله النقاش.
الثاني: يعني أنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون فمدحوا على اتفاق كلمتهم. قال الحسن: ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم.
الثالث: هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم وورود النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له، قاله الضحاك.
الرابع: أنهم يتشاورون فيما يعرض لهم فلا يستأثر بعضهم بخير دون بعض.
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنفِقُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: يريد به أداء الزكاة من أموالهم، قاله السدي.
الثاني: إنفاق الحلال من أكسابهم، وهو محتمل.
قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُم الْبَغْيُ هُم يَنتَصِرُونَ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أصابهم يعني المشركين على دينهم انتصروا بالسيف منهم. قاله ابن جريج.
الثاني: أصابهم يعني باغ عليهم كره لهم أن يستذلوا، فإذا قدروا عفوا، قاله إبراهيم.
الثالث: إذا أصابهم البغي تناصروا عليه حتى يزايلوه عنهم ويدفعوه عنهم، قاله ابن بحر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6